خادِمٌ عاديّ

كلُّ الخليقَةِ هيَ عَمَلُ خالقٍ الذي، وعلى الرُغمِ من أنَّهُ سلَّطَ علَيها الإنسان، إحتفظَ بمِلكيَّتَه عليها. هو سيِّدُها المُطلَق وكُلُّ شيءٍ يَتوقَف على إرادَتِه ِوحدَها. الإنسانُ أجمل مخلوقاتِهِ يَخضَعُ لَهُ ويَنتَمي إليه. لكنَّ المسيحيّينَ يَنتمون إليه بشَكلٍ خاصٍ بثلاثةِ أوْجُه: لِكَونِهِم مَخلوقاتِهِ، ومُعمّدين بإسمِهِ، وكَشُركاءَ لَهُ في عهدٍ أبديٍّ مُتجدِّدٍ بدَمِ يسوع المَسفوكِ على الصليب.
لَكن وفقًا لخُطةِ مَحبَّتِهِ للإنسان الذي دمَّرَ كلَّ شيءٍ بعُصيانِه، أرسَلَ الله ابنَهُ إلى العالَم لإصلاحِ ما دمَّرَهُ الإنسان. لقد جاء ليؤسِّسَ على الأرضِ مَلَكوتَ أبيه. لهذا، فَتَحَ طريقةً أخرى للعيشِ والتَصرُّف تقومُ أساسًا على الحبِّ والمجانيّة، والتي يُقدِّمُها لأولئك الذين يريدون دخول هذا المَلَكوت. يَطلُبُ مِنهُم أن يُطيعوا إرادةَ أبيهِ بدافعِ الحُبّ، كما عاشَ هوَ وتَصرَّف: كخادمٍ للهِ والناس. لذلك هو يُريدُ من جميعِ تلاميذِه أن يَكونوا خُدّامًا بَعضِهِم لِبَعض ، كما خَدَمَ هو : دونَ قيدٍ أو شرط، دون إنتظارِ أيَّ مُكافأةٍ أو راتبٍ أو شكر.
بمجردِ أنتهاءِ خِدمَتِهِم، يُمكِن لهؤلاءِ التلاميذِ أن يَرقدوا في الموتِ مُرتاحي الضمير كخادمٍ عاديّ قامَ بكلِّ ما كانَ يجِبُ عليهِ أن يَفعَلَه كمَخلوقٍ وكمُعمَّدٍ وكشريكٍ في العهدِ مع الله.