هذا المَسيحُ الذي انتَظَرُه الملايين مِنَ البَشَر بِدءاً منَ الإنسانِ الأوّل وصولاً إلى الفلاسِفَة اليونانيين المُرهَفي الإحساس، يُخبِرُنا إنجيلُ متى أنَّ مَجوساً قَدِموا من المَشرِقِ مُتَّبِعِنَ علامةً فَلكيّة بحثًا عَنهُ حتى اليهوديّة.
هؤلاءِ المَجوس أزعَجوا أنفُسَهُم، لقد تَخلّوا عن الراحة وتَركوا عائِلاتِهِم وأخذوا يَتبَعون هذا النَّجِم دون أن يَعرفوا مُسبَقًا إلى أينَ سيَصِلون. لكنَّهُم كانوا على يَقينٍ من العثورِ على الهَدَفِ الثمين لِبَحثِهِم لأنَّهُم حملوا مَعَهُم هدايا مَلَكيّة.
على مِثالِ هؤلاء المَجوس، نحنُ المعمّدون، تلاميذُ يسوع ، بَعد أن وَجدنا هذا المسيح، علينا أن نُزعِجَ أنفُسَنا، ونترُك وراءَنا الراحةَ والعائِلةَ والأحكامَ المُسبَقة واليَقينَ الشخصيّ لِنَذهب ونُعلِنَهُ لجَميع الأمَمِ التي تَنتَظِرَه. لَكِن ليس مِن خلالِ فَرضِ ثوابِتِنا، بَل بالتأثيرِ علَيهِم بأفعالِنا ومثَلِنا؛ يقولُ لنا: « فاذهبوا وتَلمِذوا كلَّ الأمَم، وعمِّدوهُم باسمِ الآبِ والإبنِ والرّوحِ القدُّس، وعلِّموهُم ( بأفعالِكُم ) أن يَعمَلوا بكلِّ ما أوصَيتُكُم به ».
لذلك بفَضلِ مَعموديَّتِنا، لدينا مُهمَّة التوبّة، وأن نَلبُسَ الإنسان الجديد الذي جاءَ المسيحِ لِتَحقيقِه، والذهابُ خاصةً نحو الفقراء، الذين يَنتَظرونَهُ أكثر من غيرهم ، لنَكشُفَ لَهم يسوع الذي بشخصِهِ إتحادُ الطبيعَتَين الإلهيّة والإنسانيّة، والذي جاءَ ليُخلِّصَ، ليس فقط شعباً واحداً، بل كلِّ البشر من آدم إلى نهايةِ العالَم. لأنَّ الخلاصَ الذي استَحَقه بالصليب هو شاملٌ في امتداده البشريّ والتاريخيّ.