بَعدَ أن تَفَلَ في الأرض، وجَبَلَ مِن تُفالِهِ طيناً، وطلى بِهِ عَينَي الأعمى، يُكرِّرُ يَسوع الفِعلَ ذاتَهُ الذي قامَ به أبيهِ في البدء عند خَلْقِ آدَم. لَكنَّ يَسوع أرسَل هذا الأعمى ليَغسُلَ عَينَيهِ في بِركةٍ تُسمّى سَلوام، أي الرَّسول. كَتَبَ القديسُ أوغسطينوس: ” إنَّ الإنسانَ المَولود أعمى هو صورةُ الجِنسِ البشريّ الذي أوْقَعَته خَطيئةُ آدم في الظُلمَةِ الروحيّة. للخروج من عمى الروحِ هذا، يَجِبُ على الإنسانِ أن يَقتَرِبَ مِن ابن الله المُتجسِّد ويؤمِن به. في هذه الحالة يُرَدُّ إليهِ البَصَر؛ لأنَّ يَسوع المسيح جاءَ ليُنيرَ أولئك الذين يَعتَرِفون بتواضُعٍ، حاجَتَهُم إليه “.
نَحنُ أيضًا، في المعموديّة حيثُ غُطِّسنا، قد إكتَشَفنا نورَ المَسيح الذي هو الحَقيقة المُتجسِّدة. وهكذا، عِندَ خُروجِنا من ماءِ المَعموديَّةِ، نَنتَقِلُ مِنَ الظُلمَةِ إلى النور، ويُعادُ خَلقَنا ثانيةً، ونُصبح هذا الإنسانُ الجَديد، هَيكَلَ الرّوحِ القُدُس، على صورةِ يسوع نَفسه. هذا الإنسانُ الجَديد، ثَمرَةُ مَحبَّةِ الآب، يَستَعيدُ براءَتَهُ الأصليّة، ويُضحي مُلكًا حَصريًا ليَسوع ووريثَهُ، إنسانُ الرحمة والمغفرة.
دَعونا نَستَفيد من زَمَنِ الصومِ الكبير هذا، لنُجدِّدَ مواعيدَ مَعموديَّتِنا، وكأشخاصٍ أحرارٍ وواعين دعونا نَلتَزِم مِن جَديد بمواعيدِ المعموديّة، ونَطلُبَ مِنَ الربّ أن نَبقى مُخلِصين لها، على الرُغمِ من ضُعفِنا وهَشاشَتِنا ومَحدودِيَّتِنا.