لَقد سَمِعنا للتَو يسوعُ يُعلِن: « الذي يُريدُ أن يُخَلِّصَ حياتَهُ يَفقِدُها، وأمّا الذي يَفقِدُ حياتَهُ في سبيلي وسبيلِ البِشارَة فإنَّهُ يُخلِّصُها ». إذا دَقّقْنا جيّداً، نرى أنَّ يَسوع كان أولَ من طبَّقَ هذه الآية . هو أوَّل من يَفقد حياتَهُ بالسيرِ بها عكسَ ما يَرغَبُ فيهِ العالَم ويُعلِّمَه. في الواقِع، يشفي المَرضى في السَبِت، ويتردَّدُ على الخطأة ويأكلُ مَعهُم، ويَقبَلُ مريم المجدلية الخاطِئة بين تلاميذِه، ويَلمُسُ البرصَ المَنبوذين، ولا يَدينُ المرأة الزانيّة، ويجتَمِعُ وَحدَه مع المرأة السامريّة، التي كانَت مع زوجِها السادس؛ يُعلِنُ عَلَناً أنَّهُ نزلَ مِن السَماء، وأنَّ جسَدَهُ طعامٌ حقيقيّ ودمُه شرابٌ حقيقيّ، هو النَجارُ ابنُ يوسِف الناصريّ… ولهذا السَبَب تخلّى عنهُ بعضُ تلاميذِه وأدّى ذلِكَ أيضاً إلى نفورِ جَميعِ رِجالِ الدينِ الكِبار في البلاد مِنه. لذلك لم يَتردَّد في فقدانِ شُهرَتِه، مُنتظرًا أن يصلِبَه أعداؤه.
لهذا يقولُ القديسُ بولس: « أقامَه الآب من بين الأموات وأجلَسَهُ عن يَمينِه في السَّموات »، « وَوَهبَ لَهُ الإسِم الذي يَفوقُ جَميعُ الأسماء كيما تَجثو لإسِم يَسوع كلُّ رُكبَة ».
نَحنُ أيضًا سنَجلِس عن يَمينِ الآب إذا كانَت لدَينا الشَجاعة للعيشِ ضُدّ قِيَم هذا العالم، مِن خلالِ تَطبيقِ التطويبات كَما علَّمَنا إيَّاها يَسوع.