عِندما أوصى يسوعُ تلاميذَهُ : « بيعوا أموالَكُم وتَصَدَّقوا بها » ، وَجَّهَهُم إلى حَقيقَتهِم العَميقة. في الواقِع، الإنسانُ في علاقَتِهِ مع الله هو مخلوقٌ يَتلقّى كلَّ شيءٍ مِن خالِق، فهو وكيلٌ إِئتُمِنَ على كلِّ شيءٍ من قِبلِ الربّ الذي يَنتمي إليهِ كلَّ شيء، وهو ابن حَصَلَ على كلِّ شيءٍ مجانًا من أبٍ يُحبُّهُ كثيراً. هذه هي الحَقيقَةُ الحقيقيّةُ للإنسان على هذهِ الأرض.
الله هو المَصدرُ الوَحيد، المَبدأُ المُطلَق، ومُبدِعُ كلِّ شيء. حالُ الإنسانِ أمامَهُ هي حالُ الفَقير، الضعيف، الذي لا يَملِكُ شيء. إنّهُ ليس كائناً مُحتاجاً فَحَسب، بَل هوَ بالفِعلِ كائنُ رغبات. إنّهُ يَستَمِّدُ وجودَه وإستِمرارَهُ في الحياة وكيانَهُ كُلَّهُ من شخصٍ آخر يجب أن يَشكُرَهُ بإستمرار. لذَلك لا يُمكِنُهُ أبدًا أن يَدّعي أنّه مُكتفٍ بِذاتِه.
ثُمّ لكَي يكون الإنسانُ صادقًا مع نفسهِ، علَيهِ أن يقبَلَ هذه السيادَةُ ويَتَصرَّفَ مِثل الوكيلِ الأمين لكلِّ ما حصَلَ عليهِ مِنها: وجودُهُ، حاضِرُهُ، مَستَقبَلَهُ ومشاريعُهُ … وأن يؤَدّي حساباً بأمانة عِندما يطلبُ مِنهُ الربّ. « وأيُّ شيءٍ لَكَ لَم تَنَلْهُ ؟ »، يسألُ القديس بولس.
أخيراً، لَم يَعُد الإنسان أمام الله، بفضلِ المَعموديّة، عبدًا أو غريبًا، بل ابناً محبوباً ووريثًا للابن الوحيد، يسوع ، فقير الآب بإمتياز. في الواقع، بِصفتِه ابناً للآب، يَتمتَّعُ الإنسان بِلُطفِ وبِوفرةِ محبّتِهِ اللامُتناهيّة وبكلّ ما يحتاجُهُ ليُدرِكَ نفسه كإنسانٍ وكإبن.