بَعْدَ أن أكَّدَ يسوعُ لِتلاميذِهِ الحضور الفعَّال لِعنايةِ الآبِ لَهُم في حياتِهِم اليوميّة، أمَرَهُم ألّا يخافوا أبدًا. في الواقِع، بدأ يسوع حياتَهُ الأرضيّة فقيراً ولَم يُحاول جَمْعَ الحشود. وهو بِهذا يَقتَدي بطريقةِ عَمَلِ أبيه الذي حافَظ بِها دائمًا على « بقيّة » صَغيرة أعادَ بِها بِناءَ شَعبِهِ على الرُغْمِ مِنَ الكوارِث. هذه البقيّة الصغيرة كانَت مُكوَّنةً مِنْ أولَئك الذين ظلّوا أوفياء لِربِّهم في عَيشِهِم حياةً بارّة .
اليوم، الكنيسة، شعبُ الله الجديدِ ، هي قطيعٌ صَغير. عدَدُ المسيحيّينَ في العالمِ يَتناقَص وكذلك عدَدُ الكَهَنةِ والمكرَّسين. يَتِمُّ التَخلّي عن الكنائس وعَرضَها للبيع أو هَدمِها. إنّهم، على مِثالِ مُعلِّمِهِم، يُعانون الإضطهاد. في الواقع ، وفقًا للإحصاءات، هناك حوالي 340 مليون مسيحيّ يَتعرَّضون للإضطهاد أو التَمييز في العالم. تتعرضُ النساء المسيحيّات للخطف وإجبارِهِنَّ على إعتناقِ أديانٍ أخرى وتزويجِهنَّ قسراً. لا يِتمُّ احترامُ أقلِّ حقوقهِم. في الشرق، مَهدُ المسيحيّةِ ، يعامِلُهم الحُكّام على أنَّهُم غيرُ مرغوبٍ فيهم، ويمارسون ضِدَّهُم اضطهادًا دمويّاً أحيانًا ، وأحيانًا مُتستِّراً من أجلِ اقتلاعِهِم من جذورِهِم….
رُغم كلِّ هذا، يبقى هذا القطيعُ الصغير، بفضلِ عنايَةِ الآبِ ورَحمَتِه ، أمينًا لسيِّده. يَستمِرُّ بقوةِ الروحِ في الشهادةِ لحقيقَةِ الإنجيل بحياتِه وسلوكِهِ وأعمالِ المحبّة. بَل إنّ هذه البقيّة ترى أنَّ عدَدَها يتزايَدُ في بعضِ البُلدان. لأنَّه كما قال الشهيد القديس قبريانوس « دمُّ الشُهداء هو بِذارُ المسيحيّين ».