إنَّ فكرةَ الله – المَلِك قديمةٌ في الكِتابِ المُقَّدَس. في العهدِ الذي أقامَهُ مع شَعبِه، يُعامَلُ الله كَمَلكٍ لَهُ طقوسُهُ الخاصة. هوَ يَحكُمُ إلى الأبَدِ لَيسَ فقط على شَعبِهِ، ولكن أيضًا على جميعِ الأمَمِ وكلِّ الكون.
يَسوع، مِن جِهته، يبدأ كرازَتَهُ بالإعلانِ عن إقتِرابِ هذا المَلكوت. هذا المَلكوتُ حقيقةً غامِضَة لم يُحدِّدُها يسوع، بَل وَصَفَها فقط وأعلَنَ عَن قدومها. إنَّها حقيقةٌ بابُها ضيِّق وخاضِعَةٌ لقانونِ النُموّ. لا يَدخُلُ إلَيها إلا أولَئِك الذين يَدعوهُم الله، بشرطِ أن يرتَدوا رداءَ العُرس (الذي يُحدِّدُهُ القديس أوغسطينوس بالمحبّة) وأن يتبعوا يسوع بحمل صليبِهِم اليوميّ.
يُبنى هذا الملكوت مَع المُتواضعينَ والفُقراء، وخاصَةً، حيثُ يَتِمُّ إعلانُ كَلِمةِ الله وعيشُها. لكنَّ يسوع اختارَ قطيعًا صغيرًا عَهد بِرعايَتِه لبُطرس، وأعطاهُ مفاتيحَهُ لكي يَحِلَّ الخطايا أو يربِطُها. الكَنيسةُ هي التي يَجِبُ أن تُواصِل عَمَلَ يَسوع الخلاصيّ. هذه الكنيسة ليسَت هي المَلكوتُ بَعد، لَكنَّها خَميرتُهُ في التاريخ لتُواصل بِناءَهُ كامِلاً على الأرض.
سيأخُذُ هذا الملكوت أبعادَهُ الحقيقيّة فَقط في اليوم الذي سيأتي فيهِ يسوع في نهاية الأزمِنة، ليُدين الأحياء والأموات من جميع الأمم ويرى أعداءَهُ : الشيطان والموت ، يَخضعانِ تمامًا لمُلكيَتِه الأبديّة.