التِلميذُ الأخوي والفَعّال

على عَكسِ المَمالِكِ التي أَنشأها الإنسان، حَيثُ، على المُستَوياتِ الدَوليّة والوَطنيّة والعائليّة، يكونُ السِباقُ على القيادةِ والسَيطرةِ أمرًا أساسيًّا، أسَّسَ يَسوعُ مَملكةً تَكون فيها القوَّةَ في الأساس سُلطةُ الخِدمة. « أنتُم جميعًا إِخوة »، يقولُ يَسوع، أبناءَ الآب الذي يُريدُ أن نَكونَ عائِلة، عائِلةُ الله. في الواقِع يسوع نَفسَه، الألِفُ والياء لكلِّ شيءٍ وكلِّ شَخِص، والذي فيهِ يَحِلُّ جميعُ كمالِ الألوهيّةِ حلولاً جسديًّا، كانَ أوَّلَ من أعطى المِثالَ بِغسلهِ أرجُلَ تلاميذِه، وقد قالَ : « أنا بَينَكُم كالَّذي يَخدُم؛ ابنُ الإنسانِ لَم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدُم ».
وإذْ اعتَمَدَنا باسمِهِ، وأصبَحنا تَلاميذَهُ، علينا نَحنُ أيضًا أنْ نَعيشَ كإخوةٍ وأخواتٍ وأن نَخدُمَ بَعضَنا بعضًا بفعاليَّةٍ، ولا سيّما الأكثر حِرمانًا بَينَنا. وعلينا، مِثلَهُ، أن نَسعى إلى الأماكنِ المُتواضِعة وليسَ إلى الهَيمَنة، كالأطفالِ الذين يَثِقون بوالِدَيهِم ثقةً كامِلةً في حياتِهِم. هكذا عاشَ قديسون كثيرون: القديسُ منصور دو بول كانَ يقولُ عن نَفسِه إنّهُ أسوأ من الشيطان، ولَم تكن الأم تريزا دي كالكوتا تَخشى لَمسَ المَرضى والاعتِناءَ بِهم كما لو كانَت تَعتَني بالمَسيحِ نَفسه. تقولُ القِديسةُ تريزيا الطفل يسوع : ” أنا صَغيرة، والله أبي يَفعَلُ كلّ شيءٍ مِن أجلي. أنا أكـتَفي بأنْ أسمح لنفسي بأنْ أكونَ مَحبوبَةً، لأنَّني لا أستَطيع أن أفعلَ شيئًا وَحدي “.