إلهُنا إلَهٌ واحدٌ في ثلاثَةِ أقانيم: الآب والابن والروح القدس. إنَّها حقيقةٌ فائِقة لا يَستطيعُ عقلنا البشريّ استيعابَها. « إذا أدرَكنا ما يُمكِن أن نقولَهُ عنه ، يقول اللاهوتي العظيم القديس أوغسطينوس، فهذا ليس هو؛ إذا إعتَقَدنا أنّنا عرِفناه، فنحن ألعوبَةُ خيالِنا. يُمكِنُنا أن نَعرِف ما هو ليس الله، لكِن لا يُمكِنُنا أن نَعرِف ما هو. هو ليس ما يَفهَمه المَرء، هو ما لا يَفهَمه ». العِبادة هي المَوقِفُ الوَحيد أمامَ هذا السرّ.
لشدّة حبِّه وصلاحِهِ، أظهَر الله نفسه للإنسان بإعتباره إلهَ العهدِ الذي به يجعل البشريّة « شعبَهُ الخاص الذي يَسكُن مَعَه إلى الأبد ». في مواجهة البؤس المتزايد للبشرية، أرسَلَ اللهُ ابنَهُ الوَحيد ليَنضَّم إلى طبيعَتنِا البشريّة، وليُعلِنَ لنا أنَّ إلَهَ العَهد هذا هو أبّ، ويَسفُك دَمَه لتَجديد هذا العَهد.
لا يَكتَفي فقط بالسَكَنِ مع الإنسان، يريد هذا الإله أن يَسكُن في الإنسان ويحوِّلَه إلى هَيكله:
« إذا أحبَّني أحَد، يقولُ يَسوع، حَفِظَ كلامي فأحبَّهُ أبي ونأتي إليه فنَجعَلَ لنا عِندَهُ مُقاماً ».
كمُعمَّدين، دعونا نُدرك أنَّنا لسنا بِمُفرَدِنا أبداً. كلُّ واحِدٍ مِنّا هو هيكل هذا الإله-الثالوث؛ الآب الذي يولِد ابنَه الأزليّ الذي يُحبُّه كثيرًا لدرجة أنَّ هذا الحُب يُصبِح الروح القدس الذي يُتمِّم وحدة الأقانيم الثلاثة في إله واحد.