هكذا يَبدأُ القديسُ بولُس رِسالَته متوجِهاً إلى أهلِ أفسُس، وإلينا نحنُ المَسيحيين اليوم: « تبارَكَ اللهُ أبو رَبِّنا يسوعَ المَسيح… ذلِكَ بأنّهُ إختارنا فيهِ قبلَ إنشاءِ العالَم ». لذَلك، نَحن مختارون ومدعوون بحريّة ومجانيّة مِن قِبل الآب الذي لا يتوقَف عن ولادَتِنا بابنِهِ الوَحيد؛ والآبُ لا يَعمَلُ إلّا من خلالِ روحِه الذي هو مَصدَر فِعلِه، فنحن مخلوقون بالروحِ القدس الذي يَجعَلُ مِن أجسادِنا هَيكَلاً لهُ ليعمَلَ هُناك. ثمَّ يُسلِّمُنا الآب لابنِهِ، الذي يؤكِدُ لليهود الذين لا يَقبَلونَه ولا يؤمنون بأقوالِه : « ما مِن أحَد يَستَطيعُ أن يُقبِلَ إليّ إلّا إذا اجتذبَهُ الآبُ الذي أرسَلَني؛ من آمَن فلَهُ الحياة الأبديّة؛ وأنا أُقيمُه في اليوم الأخير».
بطاعَتِهِ لأبيه، يَطبَعُنا يسوع بواسطةِ المعموديّة بِخَتمِه الذي بِه نَنتَمي إليهِ حصريًّا، ونَكون جِزءًا من قطيعِه، هو الراعي الصالِح. هو يُحبُّنا كثيرًا لِدَرجة أنَّهُ لَم يَرِد فقط أن يُخلِّصَنا بِصليبِه وقيامَتِه، بل أرادَ أن يَبقى فينا وبَيننا بطريقةٍ مَرئيّة، وذلك بإعطائِنا جَسَده مأكلاً حقيقيًّا ودَمه مَشرباً حقيقيًّا. هكذا يُصبِحُ هو « الخُبز الذي نزَلَ من السَّماء »، الذي يُغذي فينا الحياةَ الحقيقيّة، تِلكَ التي وَضَعَها فينا.
دعونا لا نَتوقَف عن شُكرِ الثالوث الأقدس على هذه العطيّةِ الرائِعة التي جَعَلنا عليها، ونَقبلُ بكلِّ تواضُعٍ جَسد ودم يسوع الذي بِدونِهما لن نَتمَكن من العيش في الثالوث الأقدس.