لا يَتبَعُ يسوع مَن لدَيهِ الرِغبة فقط. إنّ الآبَ هو مَن يَختارُه ويسوعُ هوَ مَن يَدعوه. أوقَفَ يسوع شَخصان مِن إتِباعِه لأنَّهُم وضَعوا شروطًا. كانَ الشابُ الغَنيّ شديدَ التَعلُّقِ بأموالِه فلَم يستَطِع أن يَبيعَ كلَّ ما يَملُك ويتبَعُه. يدعو يسوع بولس، الرسول العظيم وصاحِبُ الرؤى. ولكنّه يُصيبُه بشوكةٍ في جسدِه تَلطُمَهُ بإستمرار حَتّى لا يَفتخِرَ بأعمالهِ بل بِضُعفِه. يدعو رُسُلَهُ وهُم أناساً عاديين يتبعونه فورًا ويتركون مُمتلكاتِهم وأعمالَهُم وعائلاتِهِم. يُفسّرُها القديس بولس جيدًا عندما يكتُب: « ما كانَ في العالَم مِن ضُعِف فذاكَ ما إختارَهُ الله ليُخزي ما كان قويّاً، وما كانَ في العالَم مِن غيرِ حسَبٍ ونَسَبٍ وكانَ مُحتقراً فذاكَ ما إختارَهُ الله : اختارَ غير الموجود ليُزيلَ المَوجود، حتّى لا يَفتَخِرَ بشرٌ أمام الله ».
مِنَ الذين يدعوهُم، لا يطلُبُ يسوعُ معرفةً أو نفوذاً أو صفاتٍ غيرَ عاديّة. يطلبُ فقط الطاعة في الإيمان. يطلبُ مِنهُم أن يسلّموا أنفُسهُم بالكامِلِ بينَ يَديه، أن يَعتمِدوا عليه تمامًا، وأن يقبَلوا أنّه هو الذي يُعطي بُعدًا جديدًا لحياتِهم، ويضعوا كلَّ مواهِبِهم في خدمةِ الرسالة الموكَلَة إلَيهِم مِن قِبَلِه، وهو الوحيد الذي يمنَحُها لأنّها مُلكَهُ وسيظلُّ سيّدُها المُطلَق. بإختِصار، كما يقول القديس منصور دو بول، « أن يَمتَلِكوا نَفسَ الإرادة التي لَدَيه ونفسُ عدَم الرغبة ».
لا يُهمِلُ يسوعُ الكنيسة، جَسَدهُ . يَستمر في دَعوة ِالمكرّسين: كهنة ورهبان و علمانيين حتى تتمكنَ هذه الكنيسة من متابعةِ رسالتِها في العالمِ كخميرةٍ للوحدة وزرعُ ملكوتِ الآب. هل سنتمكن من الإجابة على دعوَتِه هذه بنعمٍ حازِمة ؟