هي الصَرخَةُ ذاتَها التي أطلَقَها يسوع نحوَ المرأة السامرية، بالقُرب مِن بِئرِ يَعقوب، ومن أعلى الصليب قبل أن يَموت. لم يَكُن عَطَشُ يسوع عَطَشاً إلى الماءِ أو السَكينة ، بل إلى الحُبّ. مُعلَّقًا على الصَليب، حُبّاً بِنا قدّمَ ذاتَه لأبيهِ ليُبرّرَنا ونَحصَلُ على السّلامِ مع الله. بِدافعِ الحبِّ مِن أجلِ خَلاصِ المرأة السامريّة، ومِن خِلالها خلاصُ جَميعِ السامِريين، طَلَبَ مِن هذه المرأة النَجِسة أن تَسقيَهُ ليَكشُفَ لها هويَّتَه المسيحانيّة، واهِبُ الحياة ومَصدَرُ الماء الحَيّ الذي يَروي حقّاً.
كُلُّنا مُتعطِّشون لشيءٍ ما في الحياة: الحُبُّ، السعادة، النَجاح، الوَضعُ الجيِّد، العَمَل، السلام … وأحيانًا كثيرة نَذهب لإرواءِ هذا العَطَش بوسائِلِ هذا العالم المُبهِرة. نَشعُر بِخَيبَةِ أمَل. لأنَّ الإنسان، الكائِنُ المَليء بالرغبات، لا يرضى تمامًا ابداً.
بالنِسبَةِ لنا، تَلاميذُ يَسوع، نؤمِنُ أنَّ يَسوعَ وَحدَهُ هو الذي يَستَطيعُ أن يَرويَ عطَشنا بأن نُحِبّ وأن نَكونَ مَحبوبين. فحُبُّهُ لنا قويٌّ جِدًا لدرجةِ أنَّهُ قادِرٌ على تَجاوُزِ كُلِّ الحدودِ حتى المَوت، والدَوسِ على خطايانا، وأوضاعَنا الصُعبَة، وهَشاشَتِنا، وحياتَنا المُحطَّمَة بِسبَبِ المُعاناة… ليُصبِح هوَ بِئُرنا الذي لا يَنضَبُ من ماءِ الحياةِ الأبديّة.
إذا قَبِلنا أن نَشرَبَ من هذا البِئرِ، سنُصبِحُ بِدَورِنا أيضًا آبارًا للحياة نقدِّمُها مجّانًا لجميعِ إخوتِنا، وخاصةً للضًحايا والذين رَفَضتهُم حضارَتنا الاستهلاكيّة الهَمَجيّة.