في بِدايةِ رِسالَتِهِ، حقَّقَ يَسوع نَجاحاً عَظيماً. واجتَمَعَت حَولَهُ حشودٌ كبيرة للاستماعِ إلى تعاليمِه. أعلَنَ أنَّ الله أبٌ رَحيم، وشفى كلَّ المَرضى الذين كانوا يأتونَ إليه، واقترب من البُرصِ حتى لَمْسِهِم، وغَفَر الخطايا، وأكلَ مع أُناسٍ سَيِّئي السمعة، وفكَّ بعضَ قيودِ شريعةِ السبت… وكلُّ ما علَّمَهُ كانَ جَديداً وقالَهُ كمَن لَهُ سُلطان. أثارَ هذا النَجاحُ الكبير استياءَ السُلُطاتِ الدينيّة التي كانَت تُحافِظُ على تطبيقِ الشريعة الموسويّة والتي كادت أن تَعتَبِر نَفسَها واضِعَتَها. وذَهَبَ بِهِم حِقدُهُم إلى حدِّ وَصفِ يَسوع بأنَّه مَمسوس بالشيطان، وقالوا إنَّهُ بقوةِ الشيطان قامَ بمُعجِزاتِه.
بَلَغَ هذا السِخطُ والانتقاد إلى آذانِ أمِّ يسوع وذويهِ الذين خافوا على حياتِه. فجاءوا إليه وهو محاطٌ بهذا الجَمعِ وطَلبوا أن يُكلِّموه. فلمّا سَمِعَ ذلك، أجالَ طَرفَهُ في الجالسين حَولِه وقال، وهو يشير إلى الجمع : « هؤلاءِ هُم أمِّي وإخوَتي، لأنَّ مَن يَعمَلُ بمشيئةِ الله هوَ أخي وأُختي وأُمِّي ».
بهذا القول، لا يُريدُ يَسوع أن يَنكُرَ عائِلتَه البشريّة. ولكن ليُعلِّمنا ألا نُصدِّق الافتراءات التي نَسمَعُها عن إخوتِنا، بل أن نَتحقَّقُ بالمحبّة والروح النقديّة من كلِّ ما نَسمَعه أو نقرأهُ في وسائلِ الإعلام.