بَعدَ أنْ أعطى يَسوعُ وصيَّتَهُ الوحيدة لِتلاميذِهِ، وهيَ أنْ يُحبَّ بعضُهُم بعضًا كمّا هوَ أحَبَّهُم، إستَودَعَهُم سلامَهُ: « السَّلامُ أَستَودِعَكُم وسَلامي أُعطيكُم. لا أُعطي أنا كما يُعطي العالَم ». سلامُ العالَم يَصنَعُهُ البَشر. هو مِثلَهم ضَعيف وغَيرُ ثابِت. يكونُ في أغلَبِ الأحيانِ في غيابِ الحَربِ والصُعوبات والمُعاناة أو نتيجةَ توازُنِ الرُعب. وهو يتِمُّ خاصةً خارِج الله وأحياناً ضِدّه .
بَينما السَّلام الذي يَمنَحُه المَسيح هو السَّلام في الرٌّوحِ القُدُس، الذي هو أقنومُ الحُبِّ في الثالوث الأقدس، مُؤَيِّدُنا الجديد الذي يأتي ليَسكُن فينا من خلالِ المَعمودية. هذا السَّلامُ هو دائِمٌ وثابِت، يقومُ على المَحبَّةِ والتواضُع والمُساواة بَينَ الجَميع. إنَّ قوَّة هذا المؤيِّد هي التي تَسمَحُ لنا بمواجهةِ الصُعوباتِ والتجارِب وحتى الاضطهاد مع بقائِنا في هذا السَّلامِ الداخليّ.
عِندَما يَصرِفُنا المُحتَفِل في نِهايةِ الذبيحةِ الإلهيّة قائلاً لنا: « إذهَبوا بسلامِ المسيح »، هو لا يَطلُبُ مِنّا أن نَذهَبَ ونَجلس على كُرسينا أمامَ التِلفاز. لكنَّهُ يُرسِلُنا في مُهمّة : أن نَكون في بيئَتِنا المِهنيّةِ والعائليّةِ والاجتماعيّة … بُناةُ سلامِ المَسيح ، هذا السَّلامُ الذي حصلنا علَيه في بتناوُلِنا جَسدَ ودَمِّ المَسيح. سلامٌ يأتي بمُمارسَتِنا المَحبّة والتواضُع والخَير تِجاهَ الآخرين ، وخاصةً تِجاهَ الفقراء.