مِن خِلالِ سَردِ هذا المَثَل الصَعب، يُريدُ يَسوع أن يؤكِّدَ لنا أنَّ الآبَ موجودٌ دائمًا بفاعليَّةٍ في حياتِنا للتَعبيرِ عَن حُبِّهِ وحنانِهِ نَحوَنا وذلِكَ بالاستماعِ إلى شَكوانا، والإصغاءِ إلى صلاتِنا ومُساعدَتَنا في تَجارِبِنا اليوميَّة. هو يُريدُنا بِبساطةٍ أن نُعبِّرَ لَه عن إيمانِنا بِصلاحِهِ اللامُتناهي ورجائِنا في كَرَمِهِ اللامَحدود مِن خلالِ المُداوَمة على الصَّلاة.
الصلاةُ المسيحيَّةُ لا تَتكوَّنُ مِن الدُعاءِ أو المَسابِحِ المُكرَّرَةُ بِشَكلٍ ميكانيكيّ أو مِن الصِيَغِ التي يَتُمُّ تَعلُّمَها عن ظَهرِ قَلب. أكثَرُ مِن مُجَرَدِ فِعلٍ، الصلاةُ المسيحيّةُ هي في الأساسِ حالَة، طريقةٌ لِلحضورِ أمام الله. هيّ العَيشُ في حضرَتِه كما نَحنُ، بِضُعفِنا، وخطايانا، وصعوباتِنا … ، ومُشارَكَتِهِم مَعه، وأن نَضَع أنفُسَنا بِثقةٍ أمام إرادَتِه، ونَقول لَه مع القديس أوغسطينوس الذي رأى في الحياة إمتحاناً لا مَكانَ للراحةِ فيها : « رجائي كُلُّهُ في رحمتِكَ الواسِعة. هب ما تأمُرُ به ومُر بما تريد ».
دعونا نحيا بإستِمرار في علاقةِ الثِقةِ هذه مع الآب ولا نَخافُ من صَمتِه ولا مِن تأخُرِه في الإستِجابَةِ لَنا. لِنَكون مُتأكِدين أنّه لن يتأخَّرَ في مساعدتِنا بطريقةٍ أفضل وأكثر وفرة من طلباتِنا أو رغباتِنا. لأنّه فقط الحُبُّ والعطاءُ اللامُتناهيان.