في صلاتِهِ الطويلة قَبلَ آلامِه، صَلّى يَسوع إلى أبيهِ ليَحفَظ تلاميذَهُ اُمناءَ لإسمِه. هذا لأنّ الأمانَة أمرٌ نادرٌ بين البشر. بالفِعل، قَد تساءَلَ سِفرُ الأمثال: « أمّا الإنسانُ الأمينُ فمَن يجِدهُ؟ ». يزدادُ هذا الأمِر في عالَمِنا الحَديث حيثُ نَعيشُ أكثَرَ فأكثرَ في الآنيّة ، مُتناسين التّاريخ والتقاليدَ وتُراثَ الأجداد.
الأمانةُ، التي لها نَفسُ جذورِ الإيمان، تَعني الإخلاص، الوَلاء، التَعلُّق، الثَبات، الدِقّة ،والصُدُق. في اللُّغةِ الكتابيّة ، الأمانَةُ تعني ، فيما يتعلَّقُ بالله، الصَلابة، الإستقرار، الحقيقة، الأصالة، والأمان. « فأعلَمْ أنَّ الرَّبَّ إلَهَك هو اللهُ الإلَهُ الأمينُ الحافِظُ العَهدَ والرَّحمةَ لِمُحبيهِ وحافِظي وصاياه إلى ألفِ جيل ». لذلك فإن إله يسوع المسيح ” أمين ” لأنّهُ يُحقِّق وعوده دائماً وكلِمته لا تَرجَع إليهِ فارِغة بل تُتمِّم ما شاء وتَنجحُ فيما أرسَلَها لَهُ.
لذلك يَجبُ على تلميذ يسوع، على مِثالِ ربِّهِ، أن يظلَّ أميناً أولاً لشخِص يسوع الذي يؤمِنُ به، ثُمَّ للعهدِ الأبديّ مع الله الآب الذي تأسَّسَ على الصليب بدمِ ابنه، ثمَّ لذاتِهِ في التزاماتِه تجاه إخوتِه، وأخيرًا للحقيقة ، في القولِ والعَمَل، بِغضِ النَظر عن الثَمن الذي سيَدفَعُه. يبقى أنّ الرجُل الحُرّ حقّاً هو من يستطيعُ أن يكونَ أميناً. لنطلُبَ من الروح القدس نعمةَ الأمانة ، لأنّها صِفة ٌإلهيّة وليست بشريّة.