جَميعُ المُعمَّدينَ على هَذِه الأرض يُشكّلونَ جَسَدَ المَسيح. جَسَدُ المَسيحِ، مثلَ كلّ جَسَد، هوَ كائِنٌ حَيّ لَهُ قَلب. ولهذا القلبُ حَركتان: في الانقباضِ يَجمَعُ الدَمّ، وفي الانبساطِ يَنشُرُهُ في جميع أنحاءِ الجِسِم.
هكذا هو الحالُ مَعَ المَسيح: في الانبساطِ يَدعونا وفي الانقباضِ يُرسِلُنا في الرسالة. لأنَّهُ عِندما يَدعو الله، يكونُ ذَلِكَ بِمثابَةِ تَكليفٍ برسالَة، بِعمَل. فبَعدَ أن دَعا تلاميذَهُ، أرسَلَهُم اثنين اثنين لمواصَلةِ بشارَتِه : يَدعونَ النَّاسَ إلى التوبةِ، ويُعلِنونَ رحمةَ الله كأبٍ مُحبّ. ولهذا يَمنَحُهُم قوّتَهُ: طَردُ الأرواحِ النَّجِسة، إعلانُ اقترابِ مَلكوتِ الله، شفاءُ المَرضى، إقامَةُ المَوتى…
لقد اعتَمَدنا، نحنُ أيضاً، بِدَعوَةٍ مَجانيَّةٍ مِن الآب، ونحن كَذَلِكَ مُرسَلونَ للتَبشيرِ بِرَحمَتِهِ بالأقوالِ والأفعال. ولهذا يَمنَحُنا قوَّتَهُ مِن خِلالِ الأسرار، وخاصَةً بواسِطةِ المَعموديَّة والإفخارستيّا التي تَمُدُنا بالقوَّة والشَجاعَة لِنَشهَدَ لَهُ في جَميعِ أماكِنِنا. نَحنُ مَدعوون لنُعطي جَميعَ إخوَتِنا، بوَفرَةٍ ومَجانيَّةٍ، المَحبَّةَ والغُفران التي نِلناها بِوَفرَةٍ ومَجانيَّةٍ أيضًا. لَقَد أُرسِلنا قَبلَ كلّ شَيءٍ لِنُحِبَّ ونَخدُمَ إخوَتَنا وأخواتِنا الفُقراء والمَحرومين، على الرُغمِ من ضُعفِهِم وخطاياهُم، لأنّنا مِثلهُم خطأةً مَغفورٌ لَهُم.