الماءُ الإلَهيّ

بسَبَبِ بَساطَةِ تَكوينِها وشفافيَّتِها، تُعَدُّ المياهُ مَصدَرَ الحَياة وَوسيلةَ التَطهيِر ومَركزَ التَجديد. ولهذا نغَطَّسُ بالمَعموديّة في الماءِ الذي يُحدِثُ فينا وِلادةً جَديدة، ولادةَ الإنسانِ الجَديد. يُخبِرُ راعي هرماس عن الذين يَنزِلونَ في الماء أمواتًا ويَصعَدونَ أحياء.

وبِحسَبِ ترتليان فإنَّ الروحَ القُدس يَختارُ الماءَ مِن بَينِ العناصر المُختَلِفَة، لأنّهُ يَبدو مُنذُ البِدايَة مادةً كامِلة، خَصبَة، بَسيطة، شَفافة تمامًا. ولهذا السبَب أعلنَ يَسوع عَن نَفسَهُ ، أمام المرأة السامريّة، أنَّه نَبعُ الماءَ الحَيّ ؛ قال : « إن عَطِشَ أحَدٌ فليُقبِل إليَّ ومن آمَن بي فليَشرَب ».

اليوم، يتم اكتشاف الإلَه الثالوثيّ بِالكامِل مِن خلالِ حُلولِ الروح القدس على الكنيسة. كالماء، يَرويها روحُ القَداسَة مِن خِلالِ الأسرار، ويُخصِّبُها بالمُعمَّدينَ الجُدُد، ويُجدِّدُها دوماً بإضافةِ رجالٍ ونساءٍ وأطفالٍ وقديسين وطوباويين وشهداء. لِتَبقى دائمًا شابة، قادرةً على إعلانِ القِيامة ورَحمَة الآب. اليوم أيضًا تَتحقَّقُ وعودُ يسوع : يأتي الروحُ القُدس ليَسكُنَ في كلِّ واحدٍ مِنّا ليُصلي فينا، ويُغذي ويَدعَمُ إيمانَنا ورجاءَنا. في الواقع، يأتي ليُعلِّمَنا الحَقيقة الكامِلَة، كلُّ ما هو ضروريٌّ لِخلاصِنا.

لنَشكُرَ هذا الروح الذي تَنازل وجَعلَ من جَسدِنا المائِت هيكلًا لَه ولنَطلُب مِنهُ نِعمةَ السَّماحِ له دائمًا بالعملِ فينا ومِن خلالِنا، لكَي يَنشُر مَحبَّتَه.