عندَ قراءةِ إنجيلِ اليَوم، يتساءَل المرءُ لماذا كانَ يسوعُ قاسيًا وحازِمًا في الشروطِ التي يَفرُضُها على أولئِك الذين يريدون أن يكونوا تلاميذَه. هذا بِسبَب حبِّهِ اللامُتناهي للإنسان.
في الواقِع، لأنّهُ يَعرِفُ الإنسانَ الهَش بِطبيعَتِه، فهو يُريدُ حِمايَتَهُ مِن قوّةِ ” مامون ” ، إلهُ المال، الذي يَسعى لإستِعبادِه. إذا دخل الإنسان مِن بابِ ” مامون ” ، فإنّهُ يَدخُل عالَمًا يُباع فيهِ ويُشترى كلُّ شيءٍ، حَتّى الضَمائِر؛ إلى عالمٍ يَفقِدُ فيهِ حريَّتَهُ ويُستَعبَدُ من قِبَلِ صَنَمٍ سيقودَهُ إلى المَوت. لكنَّ رِسالَةُ يسوع هي تَحريرُ الإنسانِ مِن كُلِّ عُبوديّة وإحضارِه إلى المَلكوت، مَيدانُ الحُريّةِ والرحمةِ والمَجانيّة.
تَجسَّدَ يسوع وخَضَع بالكامِلِ لِلحالاتِ الإنسانيّة، وقامَ ، بحريّةٍ ومجانيّةٍ تامّتَين، بنَشرِ تَعليمِهِ ومُعجِزاتِه ، وسُلطتِهِ على الأرواح الشريرة ، وأخيرًا بذَلَ كلَّ حياتِه التي قدَّمَها مجّانًا حتى آخِرَ قطرةِ دَمّ ليَجعَلَ الإنسانَ يَدخُل مِن بابِ المَجّانيّة.
بما أنّ ما مِن تِلميذٍ أسمى مِن مُعَلِّمِه، فإنّ يسوع يَطلُبُ أن يكون تلميذُه مِثلَهُ ، على صورةِ الآب : حُرًا ، غنيًّا بالرحمةِ ، ومُحرِّرًا وخادِمًا لإخوتِه حتى بَذلِ حياتِه الخاصة.