في حبِّهِ اللامُتناهي، لَم يَتَوقَّف الله أبدًا عن التحدُّثِ إلى الناس. ولكي يُنقذَهُم مَدَّ لَهُم يَدَهُ عارِضاً عَليهم أن يَعيشوا مَعَهُ في عَهد. لَقد توّجَهَ إليهِم أولاً عن طريقِ الخَليقة، ثمَّ بواسطةِ أُناسٍ مِثلَ الأنبياء وكذلِكَ من خِلالِ الأحداث. لكنّ النّاس لم يَستَجيبوا دائماً لنِداءاتِه. وفي الأخير قامَ بإبتِكارِ طريقة جديدة، أرسلَ لَهُم كَلمَتَهُ الخاصَة في شخص ابنِهِ الوحيد الذي أصبَح إنسانًا ليعيش مع الناس. كانَ يسوع ابن يوسف نجار الناصرة. يقولُ القديس يوحنا: « والكَلِمَةُ صارً بَشراً فَسَكَنَ بَيننا ».
إنّ يسوع، ابنُ وكلِمةُ الآب الذي تَكلَّمَ في الأنبياء، هو نَفسُهُ الله الذي يسكُنُ بيننا بِكلماتِهِ وسلوكِه وأفعالِهِ. في يسوع لا يُمكِنُنا أن نَفصل شَخصَهُ ، كما هو الحال فينا نحنُ، عن الكلماتِ التي يتحدَّث بها ، ولا عن السلوك الذي يُظهره والأعمال التي يقوم بها. يُشكّلُ شَخصَ يسوع كُلَّهُ كَلِمةُ الآب.
صَحيحٌ أنّنا لَسنا أهلَ كِتاب. لكنّ الكتابَ المقدَّس كلَّهُ، في عَهدَيه القديم والجديد، هو تَجَسُّدٌ آخَر ليسوع. إنّ العهدَ القديم يُحضِّر لَه والعهدَ الجَديد يُعلِنُهُ. لهذا نكرّم الكتاب المقدّس ونُعلن في نهاية قراءَتِه الليتورجيّة: « كلامُ الربّ ».
لَم تَتح لنا الفُرصة لِلتَعرُّف على يسوع في الجسد، لَكِن يُمكِنُنا مقابلته في كلمَتِه التي كتَبها الناس بشكلٍ معصوم عن الخطأ بإلهامٍ من الروح القدس.