للتَعبيرِ عَن طَبيعةِ مَلكوتِ الله، يَستَخدِم يَسوع مَثلًا حَيثُ تنمو البِذرة التي ألقاها الزارِع من تِلقاءِ نَفسِها وصولاً إلى يومِ الحصاد، دونَ تدَخُّلِ الزارِع، الذي لا يدري كيفَ يَكونُ ذلِك.
إنَّ مَلكوتَ الله، الذي هو يسوع بشَخصِهِ، لدَيهِ قوَّةً داخليّة سريّة تُساعِدُه على التَطوُّر. في الواقِع، إنَّ وجودَ اللهِ الذاتيّ يتكيّفُ مع هِبَةِ ذاتِهِ في يسوع، إبنَهُ الوَحيد. لأنّ الله، كَما يَقولُ القديس أغسطينوس، ” أقرَبُ إليَّ مِن ذاتي ؛ وعاليًا أعلى مِن عُلويّ ” . في الله، طبيعتِهِ الداخليّة والإخلاء يسيران جنباً الى جنب. فالله في ذاتِه هو كما خارِجُ ذاتِه، لأنّ الله هو بذلٌ للذات.
بإِختيارِه إثنان وسبعون تلميذاً، أقامَهُم ليَذهَبوا ويُعلنوا البشارة بأنَّ مَلكوتِ الله قَريب، وقد تلقوا كلَّ شيءٍ من يسوع، وبإسمِه وَحدَهُ طردوا الأرواحَ النَجِسة، وشَفوا المَرضى وأقاموا الموتى. أرسَلَهُم كالمتسوِلين لا يَحمِلون نقوداً ولا مِزوداً للطريقِ، وقَد أخذوا كلَّ شيءٍ مَجاناً وعَليهِم أن يُعطوا النِعم هذه بمجانيّة.
نَحنُ أيضًا، خلفاؤُهم في المَعموديّة، المُعتَمِدينَ على معونَةِ الله فقط، وقد قبِلنا أن نتلقى بتواضُعِ ودونَ أيّ استحقاق مِن جانبنا، الكلمةُ التي نُعلِنُها لعالمنا، نُصبحُ كما يقول القديس بولس: « شركاءٌ في العملِ مع الله » في تأسيسِ ملكوتِ الآب.