كانَ أعداءُ يَسوع مُستائينَ جِدًّا لِدرَجَةِ أنَّهُم لَم يَكتَفوا بِرؤيَتِهِ مَحكومًا عليه بالموتِ بَعد اتهامِهِ ظُلماً وجَلدِه وإذلاله، وبَعدَ أن رأوهُ عاجِزًا وحيدًا مُسمَّرًا على الصليبِ، لكنَّهُم بدأوا بإهانَتِه والإساءَةِ إليهِ والسُخريَةِ مِنهُ. وَحدَهُما اللِصُّ وقائد المِئةُ الرومانيّ، الوثنيّ، أظهرا لَهُ بعضَ التَعاطُفِ مِن خلالِ الاعترافِ بِه ملِكًا إلهيًّا.
وَسْطَ الإهاناتِ والشَتائِمِ، أسَّسَ يَسوعُ بِقوةِ الرُّوحِ القُدُسِ وعزَّزَ مَملَكتَهُ الإلهيَّةِ المَجيدةِ على العالَم. هو لَم يُقيمُها بالسَّيفِ والحَربِ، بَل بثَمنِ دَمِه المَسفوكِ على الصَّليب. مَملَكتَه ليسَت مَملَكةٌ جُغرافيّة ، لَكنَّها مَملكةٌ إنسانيّة. هوَ يَملِكُ على قلوبِ الأشخاصِ الذينَ أحبَّهُم ويُريدُ مِن رعاياه أن يُبادِلوهُ الحُبَّ أيضًا من خلالِ الإقتِداءِ بِه. إنّها مَملكةُ العدلِ والحريَّةِ والحقيقَةِ والسَّلامِ والمحبَّة. هذه هي الصِفاتُ التي يُريدُ أن يَراها في شَعبِه.
يُريدُ مِن أتباعِهِ أن يكونوا صانِعي سلام، أُناسًا يُسرِعون في خدمَةِ قريبِهِم، لا سيّما الأكثَرُ فُقراً، أشخاصاً مُتحرِّرين ِمن كلِّ عبوديَّةٍ من أجلِ تَكريسِ أنفُسِهِم تمامًا لحبِّه ، أناسًا صادقين في سُلوكِهِم، في أقوالهم وأفعالِهِم. وأخيراً، يريد أتباعاً قادرين على أن يتعرّضوا مثله للاضطهادِ والتعذيبِ والشتائِمِ والألَمِ والإقصاء مِن أجلِه. هؤلاء هم الأعضاءُ الحقيقيّونَ لمَملكته.