الرجوعُ إلى القلِب

إنّ ما جَعَلَ يسوعُ يوبّخُ بِقسوَةٍ الفريسيين ومُعلّمي الشَريعة في عصره هو سطحيَّتهُم، قالَ لَهُم: « هذا الشَعبُ يُكرِمُني بِشفتَيه وأمّا قلبُهُ فبعيدٌ مِنّي ». ذلِك لأنَّ الآب لا يريدُ أبناءهُ أن يكونوا أشخاصاً روتينيين أو يَتصرَّفونَ كعَبيد، لكنَّهُ يريدُهُم أحرارًا واعينَ، يَعرِفون كيفَ يُجاوِبون، بالحبّ الحقيقيّ، على حبّهُ اللامُتناهي وغير المَشروطِ للبَشر. لَم يَكتَفِ الفريسيون في عَصرِه بتَطبيقِ شَريعَة موسى ببرودةٍ وصرامَة، بل فسَّروها بِما يُناسِبهم.

إنَّ جِدالَ يسوعُ مَعهُم حولَ مَوضوعِ الأطعِمَة الطاهِرة والنَجِسة، يتَطلَّبُ مِنّا أيضًا أن نَتساءَل عَن جودَةِ مُمارَساتِنا الدينيّة (القُداس، الصَلاة، الأفعال التقويّة، إلخ). قالَ يسوع : « إذا كُنتَ تُقرّبُ قُربانَكَ إلى المَذبَح وذكَرتَ هُناكَ أنَّ لأخيكَ عَليكَ شيئاً، فدَع قُربانَكَ هُناكَ عِندَ المَذبَح، واذهَب أولاً فصالِح أخاكَ، ثمَّ عُد فقرّبْ قُربانَك ». فبالنِسبة ليَسوع، المحبَّةُ والمُصالَحة أفضَلُ من القُداس الذي نُقدِّمُه.

يسوعُ الذي تَجسّدَ، عاشَ كخادمٍ للإنسان ووافَقَ على بذلِ حياتِه كلّها ليُظهِرَ لنا مَحبَّةَ أبيهِ اللامُتناهية؛ وقبلَ أن يُغادرَ هذه الأرض ليَنضَمَّ إلى أبيه، أعطانا وصيّةً واحِدة : محبّة الله والقريب. في الحقيقة، يقولُ لنا، سوفَ نُدان في نهاية حياتنا على المَحبَّة.