الحياةُ في الله

في الرسالَةِ التي نقرأُها اليوم ( اف 4: 17-24 )، يَدعونا القديسُ بُولس إلى تَجدُّدِ ذِهنِنا الروحيّ والإنتقالِ الى الحالَةِ الأخرى: مِنَ الإنسانِ القَديم، من طبيعَتِنا البشريّة التي أفسَدَتها الشَّهواتِ الخادِعة والملوَّثَة بالخطيئة، إلى الإنسانِ الجَديد، الذي خُلِقَ على صورةِ الله في البرِّ وقداسةِ الحقِّ. وقَد زَرَعَهُ الله فينا من خلالِ سرِّ المَعموديَّة، كبِذرةٍ تَنبُتُ وتَنمو وتبلُغِ القامة التي تُوافِقُ كمالَ المَسيح.

هذا العبورُ ليسَ أمراً سهلا. إنَّهُ يتطلَّبُ تحوُّلا عَميقا في كيانِنا الداخليّ. يتَطلَّبُ مِنّا تجدُّداً في عقولِنا ، وأن تكونَ لدينا إرادةً أُخرى، ورَغباتٍ أُخرى، ومَشاعرًا أُخرى، وأحكاماً مُختلفة، وأفكاراً متجدّدة. بعبارةٍ ثانية، يجبُ علينا أن نتوبُ. لذلك ، كما يقولُ القديسُ بولُس، علينا أن نلبُسَ المَسيح : « فإنَّكُم جميعاً، وقَد إعتَمَدتُم في المَسيح، قَد لَبِستُم المَسيح… بل إلبَسوا الربَّ يسوع المَسيح، ولا تُشغَلوا بالجَسَدِ لِقضاءِ شهواتِه… ».

لكنَّ هذا التبدُّل لا يتمُّ بزيادةِ الصلاة، ولا بالإماتات، ولا بِمجهودِنا الشَخصيّ. هوَ فقط عَمَلُ الروحِ القُدس الذي أعطانا إيّاهُ يَسوع. الروح القُدُس هو صانِعُ كلِّ تحوُّلٍ وتَوبة. إنَّ السماح َللروحِ القدس بأنْ يقودُنا يَعني أن نَعهَدَ بأنفُسِنا إلى يَسوع، وأن نَقبَلَ بِهِ مُخلِّصاً لنا، ونُسلِّمُ ذواتَنا إليهِ، ونُلقي بأنفُسِنا بِثقَةٍ كامِلة ٍبينَ يَدَيه حتى يُعيدَ رَسمَ صورَتَهُ فينا مِن جديد، هذه الصورة التي تشوَّهَت فينا بالخطيئة.