مُنذُ بِدايَاتِها، كانَتِ الكَنيسةُ تُعاني دائمًا مِنَ التَوتُّراتِ والخُصوماتِ والإنقِسامات. حتى يَسوعُ يَقول: « لا مَحالَةَ مِن وجودِ أسْبابِ العَثَراتِ، ولَكِن الوَيلُ لِمَن تأتي عَن يَدِهِ ». هيَ طَبيعَةُ الإنسان، الذي خُلِقَ ليَعيشَ وسَطَ مُجتَمَع، لكنّه يَجِدُ دائمًا طريقةً للخروجِ مِنه. أصلُ كلّ انقسامٍ هو الكِبرياءُ وشَهوَةُ السُلطَة، هوَ جَعلُ الذاتِ مركزاً، والإعتقاد بامتلاكِ الحَقيقَةِ حصراً ورفضُ الآخرينَ وإحتقارُهُم. هذا هو العَمَلُ الرئيسيّ للخَصِم، الشيطان، المُقسِّم بِطَبعِهِ.
ولَكِن بِفضلِ اختبارِهِ القويّ في وِحدتِه مع الآب، جَمَعَ يسوع حَولَهُ جَماعةً أزالَ مِنها كلَّ قوةٍ ورِئاسة. لقَد أعطى السُلطان فَقط لِخِدمَةِ الآخرين، قال: « وليَكُن أكبَرُكُم خادِمًا لَكم ». في الواقِع، إنَّ وِحدَتَهُ مع الآب جذريَّةً لِدَرَجة أنَّهُ استطاع أن يقول: « أنا والآبُ واحِد … مَن رآني رأى الآب ». لِذَلِك أرادَ أن يَجعلَ هذه الوِحدة قائِمةً في جَماعَتِه وطلبَ مِن أبيهِ أن يَحفَظَها في هذهِ الوِحْدَة.
لقد أعطى كأساسٍ لكنيستِه المحبّة، ذاكَ الحبّ الذي يبذُل نَفسَهُ مجانًا دونَ انتظارِ مُقابِل، والحقيقة التي يُجسِّدُها في شَخصِه. في الواقع، لا يُمكِنُ لأحدٍ أن يَمتَلِك الله ويُسَيطِرُ عَلَيه ليَستَخدمه لمَصلَحَتِه الخاصة. إنَّها الحقيقة التي تَمتَلِكُنا وتُبعِدُنا عن كلِّ الأكاذيبِ والرَياء، التي هي من عمَلِ أبو الكَذِب، الشيطان، العدوّ اللدود لله والإنسان.