البريّة مَسكِنُ الحُبّ

بتحريرِهِ مجموعةٌ من العَبيد من عبوديَّةِ فرعون وقيادَتِهِم إلى البريّة، يُعبِّرُ الله عَن مَحَبَتِه لهؤلاءِ العَبيد ويرغَبُ أن يُشكِّلَ مِنهُم شعبًا ينتمي إليه. يَختَبِرُهُم من خلالِ الجوعِ والعَطش والعُزلة، دون أن يَجَعَلَ هذا العدد الكبير من العبيد يَشّكون بشكلٍ مُطلَق في أنَّهُم مَحبوبون بلا حدودٍ من إله يريدُ أن يُنشئ مِنهُم شعبًا واعيًّا وحُرًا.

فيما بَعد، وقَد أصبحوا شعباً، زَنى هذا الشعب وأسْلَمَ نَفسَهُ للأصنام. قال لَهُم الله، الأمينُ لوعودِهِ دائمًا، على يدِ هوشع النبي: « لِذَلِكَ هاءَنذا أستَغويها وآتي بِها إلى البريّة وأُخاطِبُ قلبَها… وأخطُبُكِ لي لِلأبد، أخطُبُكِ بالبِرّ والحَقِّ والمراحِم وأخطُبُكِ لي بالأمانَة ». وعندما يقول الله شيئاً، يَفعَله.

بدورِهِ يسوع يُخرِجُهُ الروحُ القدُّس، الذي نَزَلَ عَليه أثناء معموديَّتِه على يَد يوحنا، إلى البريّة. هُناك، سيتعلَّمُ من خلالِ الجوعِ والعَطشِ والعُزلة أنَّهُ مَحبوبٌ بِلا حدود من أبيهِ الذي يَمنَحُهُ القوّة لهزيمَةِ العدوّ الدائِم، الشيطان.

نَحنُ أيضًا، على مِثالِ يسوع، نَدخُلُ بريّةَ الصومِ حيث، طوالَ أربعين يومًا نَقضيها في الصلاة والصوم، سَنختَبِرُ مَحبَةَ الآبِ اللامُتناهية الذي سيُقيمُنا مع ابنه الوحيد في الفُصِح، وسنَتعلَّمَ مِنه كيفَ نَتقاسَمُ خُبزَنا ومَحبَتَنا مع جميعِ إخوتِنا البَشر، وخاصةً مع أولئِكَ الذين هُم في أمسِّ الحاجَةِ إلينا.