المَنارَة

بَعدَ أنْ علَّمَ يسوع التَطويباتِ لِتلاميذِه، قالَ لَهُم بِشكلٍ قاطِعٍ : « أنتُم نورُ العالَم. أنتُم مِلحُ الأرض ». ألَيْسَت وقاحةً، بالنسبَةِ إليه، مِن جانِبِ التلاميذ أن يَقولَوها اليَومَ علانيَّةً ؟ لا.
يَسوع الذي كانَ قَد أكدَّ : « أنا نورُ العالَم. مَن يَتبَعني لا يَمْشِ في الظَّلام، بَل يَكونُ لَهُ نورُ الحَياة »، يَشرَحُ ما قالَه في التلاميذ. نورُ التِلميذِ لا يأتي مِنهُ، بَل هوَ انعِكاسٌ لِنورِ المَسيح، كما أنَّ نورُ القَمَر هو إنعكاسٌ لِنورِ الشَّمس. ثم يَجِبُ وَضْعُ سِراجُ التِلميذِ على المنارة حتى يتمكَّنَ مِن الإضاءَةِ حَولَهُ. بالنِسبَةِ للقِّديس أوغسطينوس، هذه المنارةُ هيّ صَليبُ يَسوع. فكما أنَّ يسوع، متى رُفِعَ سيَجذُبُ إليهِ النَاسَ أجمَعين ، كذلك يُضحي التِلميذُ نورًا عِندما يُمجِّدُ نَفسَهُ فَقَط بالمسيحِ المَصلوب.
في عالَمٍ مليءٍ بالخطابات، لم يَعُد أنسانُ اليوم يؤمِنُ بها. يُريدُ أفعالًا، وشهاداتٍ حيّة. لهذا السبَب أوصى يَسوع تلاميذَهُ بأن تكونَ فعاليَّةَ محبَتِهِم ورحمَتِهِم وخدمَتِهِم للفُقراءِ والمحرومين مَرئيةً للنّاس حتى يُمَجدوا النورَ الحقيقيّ وليسَ انعكاسِه.
دعونا نَطلُب مِن الربِّ أن يَمنَحَنا النِعمَةَ والقوةَ لِنَبقى أوفياء لهذِهِ الرسالة وأنْ نُكرِّسَ أنفُسَنا بكلِّ إخلاصٍ لخِدمَةِ المَسيحِ المَصلوب في المرضى والفُقراء والمَرفوضين مِن مجتمعنا الوحشيّ.