التَّواجُد أو حُبُّ الظُهور

في نَصيحَتِه لصاحِب الدَعوة وضيوفِه بِعَدَمِ البَحثِ عن الأماكِن الفاخِرة على المائدة، يُريدُ يَسوع أن يُعلِّمَهُم أن يُفَضِلوا التَّواجُد على التَمَلُّك . المقاعِد الأولى على المائِدة هي علاماتُ القوَّة أو السُلطَة أو الثَروة التي تَدخُلُ في نِطاقِ التمَلُّك وحبّ الظهور والتي تؤدي إلى النِفاق. على العكسِ مِن ذلك، يوصيهِم يسوع ألا يَفتَخِروا في المظاهر وأن يكونوا على صورة الله الذي هو ببساطة المَوجود. ولأنّه كذلك، فهو يُعطي الوُجود لِلكَون المَرئيّ وغَيرِ المَرئيّ بأكمَلِه، وخاصةً للإنسان.
أمّا بالنسبةِ للتَمَلُّك وحبّ الظُهور، إبداعاتُ هذا النِظامِ الفاسِد الذي هو المُجتَمَعُ الاستهلاكيّ، فإنّهما تَميلانِ إلى تَدميرِ الوجود في سبيلِ المكاسِب. إضافةً على ذلِك، فإنّ هذا النِظام يَسجُنُ الإنسان في وَهمِ الوجودِ الزائف ويختَرِعُ لَهُ إجتياجاتٍ لتَغذيَةِ رغباتٍ لدَيهِ لا تَجِدُ إكتفاءَها إلّا بطريقة زائفة في تمَلُّكِ السِلَع.
في الواقِع، إنَّ آدمَ القديم الذي لا يَزالُ فينا، بدأ يخافُ بعد سقوطِهِ في الخطيئة، وفقدَ الثِقةَ في هذا الإلَه الذي خَلق لهُ كلَّ شيء. فبدأ في طلبِ الضماناتِ من خِلالِ مراكَمَتِه للخيراتِ التي لم تَعُد تُطيعُهُ كما في السابق. ويَستَمِرُ هذا الأمِر إلى اليوم. لِنَنظُر إلى اللامُساواة الفاضِحة في تَوزيعِ خَيراتِ الأرِض. إنَّنا نرى الجوعَ الذي يَضرِبُ أكثريّة البَشَر، وأقليّة من الأنانيّين يُراكِمون أملاكَهُم ويسبّبون في تَجويعِ الأكثريّة.