إنَّ كلَّ تعاليمِ يسوع هي فقط السلامُ والمحبّة والعَدلُ والحَق. ولَكِن عندما قالَ أنَّهُ جاءَ ليُلقي على الأرضِ ناراً ولأجلِ الانقسامِ في العالم وفي العائلات ، هذا لأنّهُ يَعلَمُ أنّ تعليمَهُ سيَتِمُّ رَفضَهُ لأنّهُ يَختَلِف عَن تَعليمِ العالَم. لم يُعلِّم يسوع فحسب، بل جنّدَ نفسه أيضًا بِتبنّي قضيّةِ المَنبوذين على هذه الأرض، ما يَعني أنَّ كلَّ تَعاليمِه وسلوكِهِ كانا في مواجهةٍ مُباشرة مع هذا العالم.
إنَّ عَيشَ الإنجيل في حقيقَتِه يعني أيضًا اليوم مواجهةَ عالَمِنا الحاضِر حيثُ تُصبِحُ الكِذبةُ حَقيقة ، وحيثُ يتِمُّ تَبرئَةَ المُجِرم وإدانةَ البريء، ويأكُلُ القويّ الضعيف وحيثُ صوتُ السلاحِ أعلى من تَنهُدات الضحايا. هذه المواجهة هي النار التي جاءَ يسوع ليُلقيها على هذه الأرض وعلينا أن نُلقيها نحنُ أيضاً مِن حَولنا. لن نُشعِلَ هذه النار بالخِداعِ أو بالسيطرةِ ، ولَكِن بشهادةِ حياةٍ مُتواضِعَةٍ تُمارِسُ المِعنى الحَقيقيَّ للحُبّ والحَقيقَة والعَدالة.
بدلًا من أن نُصبِح نارًا تَهدُم، لِنَكُن نيرانًا تُدفئ القلوبَ المَنكوبة، وتُنقّي ذَهبَ كرامةِ الإنسانِ لتُطَهّره من خُبثتِه، ولِنَكُن بالأخصّ نيرانًا تَطرُد ظُلمَةَ مَن هُم في ليلِ الإيمان. ولا نخاف أن نُجازى بالاضطهادِ والرَفضِ بسبَبِ كلِّ ذلِك، كما كان الأمرُ بالنسبَةِ للربّ.