عظة الأب إيلي شمعون – ١٧ أيار ٢٠٢٥

تفضلوا، إخوتي، كلمة الرب اليوم هي كلمة آتية لتُضيء على حقيقة في حياتنا.

أحببت كثيرًا القراءة الأولى. ما كان مضمون البشارة؟ ما كانت البشارة التي حملها الرسل ليبشروا بها؟ كانت : ما فعله الله في حياتي! قبل أن أدخل القداس، يسألني شخص سؤالًا يجعلني أفكر: كيف أثق بالله اليوم؟ كيف أضع ثقتي بيسوع في حياتي؟ أنا أحبه في كل شيء، لكن كيف أضع ثقتي به في حياتي؟

إخوتي، نحن لا نثق بالله، لأننا بطبيعتنا البشرية نقوم بتقييمه بحسب نظرتنا، ونقول: “اليوم يستحق الثقة أم لا”. لا نثق بالله لأننا بطبيعتنا لا نثق إلا بما نراه.

لكن، تعرفون لماذا نثق بالله اليوم؟ لأننا ننظر إلى حياتنا ونجد أنه فعل فيها شيئًا، وما فعله حقيقي. أنظر إلى حياتي اليوم وأقول: هذا ما صنعه، صنع شيئًا حقيقيًا، فعل شيئًا.

خبرة الله في حياتنا مبنية على خبرة الإيمان، ليس خبرة عقلية، ولا فكرية، ولا مجرد معلومات أو معرفة، ولا تصديق لأمر غير مرئي. الإيمان هو خبرة: خبرة الله الذي صنع شيئًا عظيمًا في حياتي وغيّرها.

أحببت كثيرًا اليوم أن القراءات كانت تُضيء على نقطة تفرح قلبي وقلوبكم: ما هي؟ الوعد بشيء جديد.

رؤيا يوحنا التي سمعناها كانت تعدنا بأرض جديدة، بخبرة جديدة، بحياة جديدة. ووصية يسوع التي نعرفها جميعًا، كانت تعدنا بشيء جديد.

ما هو هذا الجديد في “أحبوا بعضكم بعضًا؟” هناك شيئًا واحدًا جديدًا، ونحن نعرف أن الكتاب المقدس بأكمله يتحدث عن الحب. أتعرفون ما هو الجديد في “أحبوا بعضكم بعضًا”؟ الجديد هو: “…كما أنا أحببتكم”. وهذه ال“كما” ليست مجرد تشبيه، بل سبب. أي: لأنني أنا أحببتكم، لأنني أحببتك اليوم، لأنني عملت في حياتك، لأنني جئت لأعطي أرضك اليابسة حياة ومحبة. أنا اليوم، العالم القديم سيزول من حياتك، وسأمسح دموعك، وسأرفع الحزن عنك.

ما هو وعد الله؟ وعد الله أنه عمل في حياتك وسيستمر في العمل.

إخوتي، اليوم الله في هذه البشارة يقول لي: كما أنا أحببتك، الجديد الذي سيحدث هو أن حياتك ستصير جديدة.

قبل يسوع، أنا وأنتم لم نكن نعرف كيف نحب. ليس لأننا مذنبون، بل لأننا لم نكن قد اكتشفنا كم نحن محبوبون. لم نكن نرى في حياتنا ما فعله الله. لم أكن أرى في حياتي أنني قادر على المحبة، لأنه أمام جرحي، وأمام الظلم الذي عشته، وأمام القسوة، وأمام ظروف الحياة الصعبة، كنت أجد نفسي فارغًا، غير قادر على أن أحب. وليس هذا ذنبي.

يسوع ماذا جاء يقول لي اليوم؟ إن أردت أن تحب، عليك أن تكتشف كم أنت محبوب. “كما أنا أحببتك”.

واليوم، إخوتي، هذا الوعد هو وعد لكل واحد منا.

اليوم، الأرض الجديدة، هذا الوعد، هو أن لا يكون هناك موت. لكن ما هو الموت؟ هل هو مجرد نهاية؟ لا، بل هو الظروف التي لا تتغير.

رؤيا يوحنا لم تأتِ لتعدنا بأن ظروفنا ستتغير، أو أن الصحراء ستزول، أو أن المشاكل ستنتهي، أو أن الاضطهاد سيختفي. فهذه الكلمة كُتبت في عز اضطهاد الكنيسة، في المنفى، وهي لا تأتي لتكذب علينا.

اليوم، الكنيسة تزهر في الاضطهاد. اليوم، المسيحي يزهر في الحرب، في المشاكل.

ما هو الجديد؟ هو الحب الذي سيولد فيك من الداخل. هو الحب الذي ستنيره حيثما كنت. هو الحب الذي سيضيء في الظلمة. هو الحب الذي ستشهد له في الأماكن التي تخلو من الحب.

لهذا، إخوتي، دعونا اليوم نتذكر ونعش الذكرى: أن نتذكر يسوع، ماذا يفعل في حياتنا، وأين يسوع اليوم يأتي ليصنع خبرة جديدة في هذا القديم الذي نعيشه، وفي هذا الحزن، إن وُجد حزن في عائلاتنا لأنه ينقصنا شيء، إن كان هناك حزن في عملنا لأنه ينقصه حب، إن كان هناك حزن في صداقاتنا وعلاقاتنا لأنه ينقصها حب.

حين ننظر ونرى كرم الله في حياتنا، كرم يسوع الذي أحبنا كثيرًا، أنا وأنتم قادرون على أن نضيء الحب في المكان الذي نكون فيه.

فأدعوكم في هذا الوقت أن نأخذ دقيقة، نضع فيها قلوبنا أمام الرب، ليزور كل قديم، ويزور كل صحراء، ويزور كل يابسة، ليُضيء فيها، لينبع فيها حياة، لينبع فيها حب.

حب يضيء، حب نابع من الحب: على قدر ما أنا ممتلئ منه، على قدر ما أبشّر وأشارك، فيخرج مني حب، من هذا الحب الذي أخذته من يسوع.

أدعوكم الآن أن نأخذ دقيقة صمت، ثم نتابع قداسنا.