باعتِمادِهِ في مياهِ الأردن، افتَتحَ يَسوع، أمامَ الثالوثِ الأقدس، الرِّسالة التي أرسَلهُ الآب من أجلِها. يَعتبِرُ الثالوثُ سرّ المعموديّة الذي يتلقاه كلّ مسيحيّ عند ابتداءِ حياتِه كمؤمن، سرًّا خاصًا به أيضًا. في الواقِع، يَفعَلُ هذا السرّ في مَن يتلقاهُ بالإيمان تَغييرٌ جَوهريّ. إنَه ولادَةُ الإنسان الجديد فيهِ، المَدعوّ إلى القداسَة لأنّه يَملك القدرةَ على ذلك.
في الحقيقة، إنّ الشَخصَ المُعمّد يَتطهَر من جميعِ خَطاياه، ويُصبِحُ طاهِرًا مثلَ آدم في جنَّةِ عدَن؛ فهوَ مَدعو إلى الإقتداءِ بيسوع؛ لقد تمّ اختيارُه ليتُمَّ إرساله في مهمةِ مواصلَة عملِ يسوع، بالقولِ والفعل، في خطَة خلاص العالم؛ فهو مقدّر له أن يَتمتّع بالمجدِ الأبديّ، جسدًا وروحًا؛ يَموت بشكل سرّي ويدفن ويقوم مع المسيح؛ هو مُتّحد في جسدِ المسيح الذي أصبَحَ عضوًا منه؛ هو جزءٌ من الكنيسة التي يُصبحُ فيها حجرًا حيًّا وفعّالًا؛ إنّ جسده الذي اغتسَل بالرُّوحِ القُدس، يُحوِّله هذا الأخير إلى هيكلٍ له وإلى مسكنٍ للثالوث الأقدس… باختصار، يُصبح المعمَّدُ مسيحًا آخر.
نَحنُ المعمَّدون، نَختلفُ عن الآخرينَ اختلافًا عَميقًا. يجِبُ علينا إذن أن نفتَخِر بهذا وأن نَتصرّف بشكلٍ مُختلف، لأنَّنا نعيشُ بالفِعل منذ الآن مِن حياةِ الله ذاتها، والمحبّة، الاسمُ الآخرُ لله، تُعطي بُعدًا إلهيًّا لجميع أفعالِنا.