حامِلُ المَسيح

حالَما عَلِمت أنَّ نَسيبَتها الطاعِنة في السِّن أليصابات حامِل، سارَعَت مريَم، وهيَ في بِدايَة حَملِها أيضًا، إلى السَفر سيرًا على الأقدامِ أو على ظَهرِ حِمار، قاطِعةً المَسافة التي تَفصِلُها عنها والتي تُقدّر بحوالي 150 كيلومترًا، لتَذهَب لمساعدتِها. وكانَت مَريم حُبلى بيسوع الذي جَعل الجَنينُ يوحنا المَعمدان يَرقُصُ فرَحاً في بطنِ أمِّه.

حمْلُ شَخصٍ ما في داخِلِكَ يَعني أنْ تَستَوعِبَهُ في ذاتِكَ، في جَوهَرِك الخاص، حتى تُصبِحَ مكوَّناً مِنه. مَريَم، في حَمْلِها، تُعطي مادّةَ جَسَدِها الخاصَّة لطُفلِها وهذا الطُفلُ بِدَورِهِ يُعطيها ذاتَه. وهكذا تُصبِحُ مَريم بالنِسبَةِ لنا، الحُضور الجَسديّ الأول والجَديد لله على الأرض. في بَطنِ مَريم، بدأ يَسوعُ رِسالتَهُ، أي خَلقُ عَالمٍ جَديدٍ وجَعْلُ كُلَّ شَيءٍ جديد. لقد بدأَ فيها بالفِعِل العَصرُ المَسيحانيّ.

ونَحنُ الذينَ قَبلنا فينا، بِنِعمةِ المَعموديّة، الثالوثَ الأقدَس والذي جَعل مِن أجسادِنا هيكلاً لَه، نَحنُ الذين نَقبلُ المَسيح في المُناولة المُقدسة، هل كيانُنا هو في الواقعِ امتداداً له ؟ هَل حياتُنا حَقا تَشعُّ بِه؟ هل نَضَع أيدينا وأعيُنَنا وأقدامَنا وقلوبَنا وذكاءَنا في خِدمَتِه… ليواصِلَ رِسالتَه، ويُجري مُعجِزاتِه، ويَشفي المَرضى، ويُطعِمَ الجياع، ويُقيمَ المَوتى ؟ باختِصار، هل نَحنُ في سُلوكِنا وتَصرُّفاتِنا اليَوميَّة، مريم أُخرى؟