إنَّ السَّلامَ على الأرضِ الذي أعلنَتْه الملائِكةُ يومَ ميلادِ يَسوع في بيتَ لحم، مُنذ أكثر مِن ألفَي عامٍ بقليل، هو يسوع نَفسَهُ الذي، كما يقول القديس بولس، إنَّه سلامُنا، فقد هَدَم العداوة في جَسَدِه المَصلوب، وجَمع البَشريَّةُ كلُّها في جسدٍ واحد. ومَع ذلِك، كانَ يَسوع يَعلَمُ جيّدًا أنَّ العدوّ اللَّدود لهذا السَّلام، أي العطَش الى السُلطة، مُتجذِّرٌ بِعمقٍ في قلبِ الإنسان.
في أيّامِنا هذه، يَعيشُ عالَمُنا قلقًا دائمًا وحربًا خَفيّة بارِدة إلى حدٍّ ما بين دولٍ عُظمى تَتنافَسُ على الهَيمَنة على العالَم. يَرغب كلٌّ مِنها في التفرُّد بالسيطرة، والهيَمنة والتفوُّق الثقافيّ والماديّ والسياسيّ والعسكريّ… ليسَ فَقط على الكرة الأرضيّة، ولكن أيضًا في الفضاء. ومِن أجلِ ذَلك، تُحاول إزاحةَ الآخر، وليسّ فقط أخذ مكانِه بل كلّ الأمكِنة.
إنّه نَفسُ السِباقِ على الهَيمَنة، والذي يُسبّبُ القلقَ ذاتَهُ، هو ما يَحدُثُ أيضًا بينَ البَشر اليَوم: كلُّ شَخصٍ يُريد أن يَحتَكِر لِنفسه أقصى قدرٍ من الهَيمَنة والنَجاح والرِبح، حتى لو كانَ ذلك يَعني تفقيرالآخر، وتَقليلِه إلى حالَةِ البؤس، وحَتى القضاءَ عليه.
إذا دَخلنا نَحنُ المَسيحيين في منطقِ الهَيمَنة هذا، فما فائدة إيمانِنا بإلهٍ مُتواضع وفقير وُلِدَ في مِذود أثناء سَفَر؟ على العكس من ذلك، أفلا نكون منافقين وكاذبين، زارعي بذورِ الحَربِ والألم والبؤس، بدلًا مِن هذا الفَرح الذي جاءَ بهِ الملائِكة عِندَ ولادَة يَسوع؟