إنَّ سِرَّ الإفخارستيّا الذي نَحتَفِلُ بِه اليوم هو، كما يقولُ القديس توما الأكويني، ” أعظَمُ مُعجِزَةٍ صَنَعها المَسيح “. بِفَضلِ قوّةِ الكَلمات التي يقولُها الكاهن باسمِ المَسيح، وهو يَمنَحُ صَوتَهُ للمسيح، فوقَ الخُبزِ والخَمر، يُعلِنُ الكلمات التي قالها يسوع في خميس الأسرار : « هذا هُوَ جَسَدي. هذا هُوَ دَمي »، يتحوّلُ جوهَرُ الخبز ويُصبِحُ جَوهريًا جَسَد المسيح، وجَوهَرُ الخَمِر يتحوَّلُ جوهريّاً إلى دَمِ المَسيح. لا !. هذا ليس سِحرًا، ولَكِن لأنَّ كلامَ يَسوع حيٌّ فاعِلٌ ويُتمِّمُ ما شاءَ، فَقَد حَدَثَت هَذِه المُعجِزة.
لَكِنَّ هذه المُعجِزة لَيسَت الوَحيدة. فمِن خلال هذا التَحوُّل، يَقومُ المَسيح بِمُعجِزةٍ أُخرى: وهي أن يَكسُرَ جِدار أنانيَّتِنا ليَجعَلَنا نَتَقاسَمُ خُبزَهُ مع الآخرين، حتى أولَئِك الذين لا نُحبُّهُم كثيرًا. وأيضاً مُعجزة ثانيّة : وهيَ أن يَجعَلَ كُلَّ الذين يأكلونَ هذا الخُبزَ ويَشربون هذا الدم، يصيرون بعمَلِ الرُّوحِ القُدس، هُم أيضاً الكنيسة، جَسَدَ يَسوع الكنسيّ. كذلِكَ يُحقّق مُعجِزة ثالثة، وهي أن يُحوّلَنا الى ما هو عليه، بدلاً من أن نحوّلُه نَحنُ إلينا مِثلَ كلِّ ما نأكُلُه. وهكذا، مِن خلال التناوُل المُتكرِّر، تَتجَذَّرُ حياةُ الثالوثِ الأقدس في قلوبِنا وتؤلِّهَنا أكثرَ فأكثر.