إنجيلُ اليَوم يُشَدِّدُ على ما يميِّزُ المَسيحيّ. هو بالأساسِ الجَوهَر الداخليّ. أعطى الله الشَريعةَ لموسى مكتوبةً على الحَجَر. حينَ تَجاهَلَها النَّاس، قَطَعَ الله عهدًا جَديداً مَع شَعبِه كتَبَ فيهِ هذه الشريعة في قلوبِهِم. ولمّا لَم يَكُن الشَعبُ مُخلِصًا بما فيهِ الكِفاية لِذَلك، فقد نَسَج عهدًا جديدًا وأبديًّا بِدمِ ابنِهِ الوَحيد الذي سُفِكَ على الصَليب. على هذا العَهدِ الجديد يؤَكِّدُ يسوع في خطابِه اليوم. هذا ما أسماه موريس زونديل: ” الإنجيلُ الداخليّ “.
بالنسبةِ ليَسوع، يَجِب على تِلميذِهِ أن يَجعَلَ الشريعةَ داخِليّة، أن تَسكُنَ فيهِ، لكَي يَحيا من روحِها بدلاً من الاكتِفاءِ بتطبيقها الخارِجيّ. عَمَلُ الاستيعابِ والتَطابُق هذا هو عمَلٌ يتطلَّبُ الحياةَ بكامِلِها. عليكَ أن تُبشِّرَ نَفسَكَ وأعماقَكَ أولاً: الكلام، والمشاعر، والخيال ، والمنطِق، والضمير ، والذاكرة، وقَبلَ كلِّ شيءٍ الإِرادة. هَذِه ِالأخيرة هيَ ستَكونُ لدَيكَ وَسيلةَ هذا التبشيرِ الداخليّ.
ومع ذَلِكَ، فإنَّ الإرادَة وَحدَها ليسَت كافيَة وحُريَّتِنا محدودةٌ لِلغاية. يسوع، بِنورِهِ ونِعمَتِهِ، سَبَقنا داخِلَ أنفُسَنا ، كما يقولُ القديس أوغسطينوس: ” أنت كنت في داخلي وأنا خارجاً عن نفسي، وفي الخارج بحثت عنك طويلاً. أنت كنت معي وأنا لم أكن معك “. ومِن ناحيَتِه، يَنصَحُنا القِّديسُ بولس: « لِنَدَع المَسيح يُقيمُ في قلوبِنا بالإيمان، حتى نتأصَّلَ في المحبّة ».