بينما كانَ يسوعُ يمشي مع تِلمِذَيهِ كالغريب، راحَ يَستَمِعُ بِصَبرٍ إلى شَكواهِما وخيبةِ أمَلِهِما وهما ذاهِبين إلى قريةٍ اسمُها عمّاوُس. لم يَعرِفاهُ إلا في المساءِ عِندَ كَسرِ الخُبز. وفقط عِندَ رجوعِهِم إلى التلاميذِ الآخرين، قامَ بينَهُم وفَتَح أذهانَهُم ليَفهَموا كلَّ ما تنبأ بِهِ الكتاب المقدس عن معاناتِه وموته، أسبابُ خيبَةِ أمَلهم.
لقد وهَبَنا الخالِقُ، في الواقِع، عدَّة أنواعٍ مِن الذكاء: الذكاءُ التجريديّ والتَخيُّلي والعَقلانيّ والعاطفيّ …لَكنَّهُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ مَنَحنا ذكاءَ القَلب. هذا الأخير هو الذي سوفَ يُنيرُهُ يَسوع في تلاميذِه حتى يَفهَموا المعنى الحَقيقيّ لِحياتِهِ كُلِّها وليسَ فَقط أيامَهُ الأخيرة. لأنَّ هذا الذَكاء يَشمُلُ كلَّ أنواعِ الذكاءِ الأخرى لأنَّهُ يَتعلَّقُ قَبلَ كُلِّ شَيء بِحياتِنا وكلِّ سُلوكِنا. إنَّهُ يُشجِّعُنا على قراءَةِ وتَفسيرِ حياتِنا بِشكلٍ مُختَلِف، بِمعناها الحقيقيّ.
يَطلُبُ مِنّا يَسوع أن نقرأ حياتَنا كلَّها على ضَوءِ إنجيلِه. نَنظُرُ إلى ماضينا ونَكتَشِفُ، بِنِعمَتِهِ، كيفَ أنَّهُ، شيئًا فشيئًا، وبالكَثيرِ مِنَ الحُبِّ والصَبر، جَعَلنا ما نَحنُ عَليه اليَوم. فنَقتَدي بِهِ، تاركينَ بَين يَدَي الآب مُستَقبَلنا الذي لا قوَّةَ لنا عليه، ونَتخِّذُ قرارًا حازِمًا بعيشِ حياتِنا اليَوميَّة، بِكُلِ أبعادِها، وفقًا لِنموذَجِ الحَياة الذي رَسَمَهُ لنا.