.تَعني : المُرسَل ( ἀπόστολος , apóstolos) كلمةُ رسول هي مِن أصل يوناني
أرسَلَ الله الآب ذاتَهُ، إذا جازَ التَعبير، في خَلقِهِ للكون، الذي يُحافِظ ُعليه ويملأُهُ بِحضورِهِ الخلّاق. ثمَّ أرسَلَ إلى هذا العالَم المُنفَصل عنهُ والساقِطِ في الخطيئة، ابنه الوحيد ، يسوع الناصري، لكي يَعتَنِق الطبيعة البَشريَّة في ضعفها ، ويخلِّصها ويُعطيها حياةً جديدة. ثمَّ يُرسِلُ الآب والابن روحَهُما لكَي يُحافِظ على هذا الكون في إرادةِ الآب وهدَفِه.
نرى في إنجيلِ اليوم يسوع، بَعد أن أمضى ليلةً في الصلاةِ مع أبيهِ، يقومُ بإختياررُسُلًا لَهُ أيضاً، ليُرافِقوهُ لفترةٍ مُعيَّنة، من أجلِ تَنشِئَتِهِم ولكي يكمّلوا عَمَلَه الخلاصيّ. لهذا، لكي « مَن إفتَخَر فليَفتَخِر بالربّ » ، وليس في مزاياه وصفاته، يَختارُ الرِّجالَ العاديين والضُعفاء والمَحدودين والجُهلاء والفُقراء. لكنَّهُ يَمنَحُهم قِواه الإلهيَّة: لشِفاءِ المَرضى وإقامَةِ الَموتى وطَردِ الأرواحِ الشَّريرة وإقامة ملكوت الله على الأرض.
في الحقيقة، هذه المواهِب التي يَمنَحُها مجانًا لرُسُلِه والتي يَجب عليهم َجانًا أيضًا ، ليست سوى تطبيقٍ وإدراكٍ للوصيَّةِ الكُبرى والجديدة التي سيُعطيهِم إيّاها : « أحبّوا بَعضَكُم بعضاً كما أنا أحبَبتُكُم . وليسَ لأحدٍ حبٌّ أعظَم مِن أن يبذِلَ نَفسَه في سبيلِ أحبّائِه ».