بِمُجالَسَتِه الخطأة المَعروفين في بيتِ متّى الذي كانَ قد لبّى دَعوَتِهِ للتو، صَدَمَ يَسوع الفَريسيين وغَيرِهم مِمَن يَدَّعون الطهارة في ذلِكَ العصر. هوَ كَطبيبٍ جيِّد، جاءَ لِشفاءِ الإنسان مِن جميع أمراضِهِ وخاصَةً مِن مَرَضِهِ الأكبر: الإنفصالُ عَن الآب. قالَ القديسُ أغسطينوس:” كلُّ أمراضك، كلُّ ضُعفاتِك، ستُشفى فلا تخف ! إنَّها ضُعفات خطيرة، لكنَّ الطبيبَ أعظم. لا يوجَد ضُعفٌ يوضَعُ أمامَ الطبيبِ القَدير غير قابِلٍ للشِفاء. فقَط اسمحْ لنفسك أن تُشفَى. لا تُقاوِمُ يَديه؛ إنَّه يَعرِف كيفَ يَتعامل معك “.
في كبريائِهِ، اعتَقَد الإنسانُ أنَّهُ يُمكِنُ أن يَشفي نَفسَهُ مِن خلال إقناعِ الله بواسطةِ الأضاحي والإماتات والصلوات الطويلة وغيرَها مِن التقويّات. يسوعُ يُصحِّحُ ذلِك ويؤكِّد، مع النبي هوشَع، أنَّ الآب لا يُريدُ الذبائِحَ، خاصَةُ تِلكَ الذبائِح البارِدة حيثُ يكون للواجِبِ أسبقيَّة على الحُبّ ، لَكِنَّهُ يُريد قلبَ الإنسان ومحبَتَهُ ورَحمَته. في الواقِع، إنَّ المَحبَّة هي التي تُشكِّلُ هذا الإنسان الذي خلَقَهُ الحُبّ ومِن أجلِ الحُبّ.
بِرَحمَتنا تِجاه الفقراءِ والمتروكينَ، وبإحساناتِنا السخيّة ستُشفى كلُّ ذنوبنا. لأنَّهُ، كما يقولُ الحكيمُ بِن سيراخ: « الماءُ يُطفئُ النَّارَ المُلتَهِبة والصَّدَقةُ تُكفِّرُ الخطايا »، والقديسُ بُطرُس: « وقَبلَ كلِّ شيء ليُحبَّ بَعضُكُم بَعضًا محبَّةً ثابِتة، لأنّ المحبَّة تَستُرُ كثيرًا مِن الخَطايا ».