آباء الرسالة المعروفون بالآباء اللعازريين الذين دخلوا الشرق الأوسط سنة ١٧٨٣ بأمر من قداسة البابا بيوس السادس هم أعضاء في جمعية رسولية أسسها القديس منصور دي بول في باريس سنة ١٦٢٥.
عندما اكتشف القديس منصور في الشعب الريفي الفرنسي فقره الديني والمادي قرر بإلهام من الله أن يداوي هذا الفقر بتنظيم المساعدات والتبشير بالإنجيل. فجنّد لذلك معه ” أخويات المحبة” التي أسسها سنة ١٦١٧ والآباء اللعازريين ” وجمعية راهبات المحبة” التي أسسها بمساعدة القديسة لويزه دي مرياك سنة ١٦٣٣.
يفوق عدد أعضاء جمعية الآباء اللعازريين اليوم الأربعة آلاف. وهم منتشرون في ٨٣ دولة في القارات الخمس حيث يتابعون عمل مؤسسهم. فيبشرون بالإنجيل ويعملون على ترقية الإنسان ترقية شاملة مع إعطاء الأولوية للإنسان المتخلف، ويدربون الكهنة والإكليريكيين على القيام اللائق بواجباتهم الكهنوتية وينفحون في قلوب العلمانيين وخصوصاً الشباب منهم روح الرسالة وحب الفقير.
يتمم الآباء هذا العمل الرسولي بالتبشير والوعظ في القرى والأرياف خصوصاً وبإدارة الجامعات والمدارس والتعليم فيها، وبخدمة الرعايا وبجميع أنواع التعليم المسيحي. وهكذا يضعون ذواتهم في خدمة الكنيسة الجامعة وخصوصاً الكنيسة المحلية.
قدمت جمعية الآباء اللعازريين للكنيسة وللعالم عدداً كبيراً من القديسين والعلماء. فالقديسان جان غبريال بربوار وفرنسوا راجيس كلي استشهدا في الصين من أجل إيمانهم بالمسيح في الجيل التاسع عشر. كان القديس جوستان دي جاكوبيس رسول الحبشة وكان الأب غليوم بوجيه مفكراً وفيلسوفاً معروفاً، والأب فرنان بورتال أول من باشر بالعمل المسكوني مع الكنيسة الإنكليكانية، واكتشف الأب دافيد الدب الملوّن المسمّى Panda ، والأب فريد جبر من الإختصاصيين في العلوم الإسلامية … ونكتفي بذكر هذا القدر من القديسين والأئمة.
يحتفل الآباء اللعازريون في الشرق في سنة ٢٠٠٩ بالسنة الخامسة والعشرين بعد المئتين لدخولهم هذه المنطقة من العالم.
وهم منذ ذلك الحين يتابعون رسالة مؤسسهم في التبشير بالإنجيل وخدمة الفقراء وتنميتهم تنمية شاملة. فإنهم يحيون الرياضات الروحية في الأرياف والمدن، انطلاقاً خصوصاً من ديرهم في مجدليا (لبنان). ثم يهتمون بتنشئة الشبيبة في مدارسهم في دمشق (سوريا) والإسكندرية (مصر) وفي أم المدارس الثانوية في لبنان أعني مدرسة مار يوسف في عينطورا (لبنان). ولكنهم يعيرون اهتماماً خاصاً بالشباب ضحايا ظلم الحياة التي حرمتهم من متعة الجو العائلي الحميم. فأمّنوا لهم في مدرستهم مار يوسف المهنية في ضهر الصوان ما يقويهم على اتمام مسيرة حياتهم بفخر ونجاح.
جميع الآباء اللعازريون يعلّمون في مؤسساتهم بشكل أو آخر التعليم المسيحي. ولكن اكتشف أباء دير بيروت أن للمسيحيين البالغين حاجة ماسة لمعرفة عيش ايمانهم معرفة بالغة وناضجة. ففتحوا لهم “مدرسة الإيمان” حيث وجدوا منشودتهم وسدّوا عطشهم.
فهذه الذكرى تكون لجميع الآباء اللعازريين في الشرق مناسبة كبرى للتذكر بالماضي طبعاً ولكنها تكوّن مناسبة أعظم للإنطلاق بوثبة جديدة نحو آفاق يضيئها الأمل والرجاء.