إخوتي، كلمة الربّ اليوم مهمّة جدًّا لحياتنا، لأنّه من خلالها يسوع يعدنا ويدلّنا على الطريق كي نثمر، كي نعطي ثمارًا في الحياة.
في القراءة الأولى، تأثّرتُ كثيرًا بكيف أنّ بولس ورفاقه استطاعوا أن يجعلوا الوثنيّين يؤمنون بيسوع، فصاروا مسيحيّين. وكانوا راجعين إلى أورشليم، يكرزون في كلّ المناطق: فينيقيا – أي هنا في منطقتنا – وفي السامرة. ولمّا وصلوا إلى أورشليم، فرح قسمٌ من الكنيسة، أمّا القسم الآخر فغار وحزن، وقال لهم: “لكن هؤلاء يجب أوّلًا أن يختتنوا ويمارسوا شريعة موسى!”
أمعقول أنّ الذين بلغوا القمّة، الذي هو اللقاء بيسوع وحب الله، ما زالوا مهتمين بماذا يأكلون وماذا يشربون؟! أنظروا كيف أحيانًا نضيع في أمور صغيرة، بينما الجوهر في مكانٍ آخر!
لكن لماذا نضيع في الأمور الصغيرة؟ لأنّنا لا نؤمن بالأمور الأساسيّة؟ من يؤمن بالحبّ لا يبحث عن شيء آخر. من يعرف أنّ زوجته تحبّه، لا يسألها عن الملح في الطبخة! أليس كذلك؟ من يعرف أنّ أخاه يحبّه، لا يتخاصم معه على متر أرض أو على مكان ركن السيّارة. متى نتخاصم على الأمور الثانويّة؟ عندما نضيّع الأمور الأساسيّة في الحياة!
أحببتُ في الإنجيل… تعرفون أنّ إنجيل الكرمة والأغصان جميل جدًّا، لكن لفتتني عبارة قالها يسوع: “اثبتوا فيّ كما أنا أثبت فيكم.” عادةً نركّز على الجزء الأوّل: “اثبتوا فيّ”، ولكن لا ننتبه أنّ يسوع يقول أمرًا كبيرًا: إنّه هو ثابت فينا!
يعني يقول لنا: “تمسّكوا بي كما أنا متمسّك بكم.”
يا يسوع، أنت متمسّك بي؟!
يا يسوع، أنت تحبّني؟!
واو، يا يسوع، حبّك لي يجعلني أكون أولويّة لك!
انظروا كم يسوع يعلن حبًّا كبيرًا لنا، ونحن مشغولون بالقشور الصغيرة!
يسوع الذي سُمّر على الصليب، هو يسوع الثابت فينا.
لأن الصليب كان علامة حبّه لنا، وقد بلغ بهذا الحبّ إلى ما لا نهاية.
اضطرّ أن يضحّي بدمه ليقول لنا كم هو متعلّق بنا، ولا يريد أن يتخلّى عنّا.
ما أجمل هذه الحقيقة!
واليوم نحن في ليلة عيد القديسة ريتا. كثيرون منكم، مثلي، يحبّون القديسة ريتا. أنا تربّيت على حبّها منذ صغري في البيت مع أمي، وكان لدينا صورة للقديسة ريتا.
لكن لم أبدأ أحبّها عن قناعة إلّا عندما اكتشفتُ كم تركت حبّ الله يعمل في حياتها.
كم تركت حبّ الله يجعل من حياتها مرآة لحبّه.
الصعوبات التي مرّت بها لم تكن سهلة، في طفولتها مع أهلها الذين ماتوا باكرًا، في زواجها الذي يمكننا اليوم أن نسمّيه زواجًا صعبًا أو فاشلًا.
حتّى داخل الدير، أنتم تعرفون أنّ كثيرين من قريباتها الراهبات كانوا يكرهونها ويضطهدونها. ومع ذلك، كيف أصبحت قدّيسة؟ ثبتت في حبّ يسوع وهي كانت واثقة أنه كان ثابتًا في حبّه لها.
اتّحدت به إلى درجة أنّ الشوكة التي غُرزت في جبينها كانت علامة اتّحادها بحبّه.
وكأنّها قالت له: “أنت أحببتني بهذه الشوكة، وأنا أريد أن أحبّك بها.”
وهذه الشوكة كانت علامة لكلّ الصعوبات التي مرّت بها، والتي عاشتها مع يسوع.
وهذا ما سنطلبه اليوم، أنا وأنتم. سنطلب من الربّ يسوع اليوم نعمتين:
• النعمة الأولى: ألّا ننسى أنّه هو ثابت فينا، أنّه متعلّق بنا، وأنّنا غالون على قلبه.
• النعمة الثانية: أن نثبت نحن فيه أيضًا، ألّا نتخلّى عنه، لكي نقدر أن نعطي ثمارًا، كما أعطت القديسة ريتا، وكما أعطى جميع القدّيسين. كلّ واحد منّا مدعوّ في حياته لأن يعطي ثمارًا أيضًا.
سوف نذكر هذه النيّة في صلواتنا ونأخذ دقيقة صمت لنكمل قدّاسنا بسلام.